يعتبر السنوسي من رواد مدرسة التجديد المحافظ ، وهو في تجديده يحافظ على الأصالة العربية الإسلامية في المعاني والأغراض ، و الألفاظ والأساليب ، و الوزن والقافية وغير ذلك .
اتسمت ألفاظه بالجزالة والقوة والفخامة ، وكلماته بالسهولة المنسابة ، فجاءت أساليبه متينة محكمة ، وتراكيبه رصينة متلاحمة ، ونظمه دقيق مليء بالمعاني والإيحاءات الشاعرية .
نبع شعر السنوسي من عاطفته الصادقة بألفاظ حية أخذت مكانها من النظم مبتعدة عن الوحشي الغريب وتنافر الحروف وثقلها ؛ لأن الشاعر متمكن من اللغة ، جامع لأعنة الأسلوب العربي الرائع .
قال عنه في هذا الشأن الأستاذ محمد سعيد العامودي :
(( أعتقد أن لثقافة السنوسي المتعددة الجوانب أثرها في شعره بصورة عامة إلى جانب موهبته الفنية المعطاءة ، ولعله من هنا يبدو لنا ما نلمسه في شعره غالباً من نبض في الأسلوب ، و حيوية في الألفاظ و عمق في المعاني ، وسمو في الأغراض )) .
و قال عنه الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري :
(( هو شاعرنا الذي تعتز به المملكة العربية السعودية، وتضعه في الصف الأول من بين شعرائها الأبرار.. شعراء الشباب المبدعين.. شعراء الأدب الرفيع، واللسان العف، والضمير النقي من الشوائب والأوضار ))
و أقرب شعره إلى الأصالة العربية التي تسير منهج الفحول من الشعراء القدامى ديوانه الأول ( القلائد ) يقول في شذى الرياض" ، منها :
هب نفح الصبا فقم حي نجدًا ... وتنشق شذى الرياض المندى
واعتصر من هواك لحنًا ذكيا ... ريقًا كالنسيم صفوا وبردا
وتمهل فهذه جلبة الشعر ... ومجرى الجياد قبسًا وجردا
سرح الخاط المشوق وجدد ... "امرأ القيس" والنوابغ عهدا
تلك آثارهم وهذي مغانيهم ... وروض الشباب ما زال يندى
كلما هبت الصبا هبت الروح ... طيوفًا وردّد الفكر أصدا
نفحات من الفراديس رفت ... أقحوانًا وأرجوانًا ورندا
عب منها الهواء عطرًا وذابت ... فوق صدر الفضاء مسكًا وندا
أرج شيق العبير وروح ... عطر الكون بالجمال وندى
يسكب النور والعطورويضفي ... من ظلال النخيل والروض بردا
حي لحن الصباح وأبسط ذرا ... عيك وضم النسيم شوقا ووجدا
وامتزج بالصبا الشغوف وقبل ... نفسا قبل الخمائل خدا
نسج الفجر في غلائله الطل ... وجاك السنا حريرا وسدى
واصطفاه "رسالة" من ريا ... نجد وأنفاسها سلامًا وودا
ترد "النيل" و"الفراتين" و"الأرز" ... و"غمدان" و"الخليج" و"بردى"
وترود الضفاف تهمس "للزيتو ... ن" نجوى و"للجزائر" وعدا
تعود بنا هذه الأبيات إلى عصر أبي تمام والبحتري وابن المعتز والمتنبي وغيرهم من فحول الشعراء لما تضمنته من سماتهم الشعرية و الروحية .
ألتزم السنوسي بالأوزان الخليلة و القافية فهو يعد الخروج على عمود الشعر في الموسيقى تمردًا على الأصالة ، وتمزقًا لطبيعة الشعر الأصيل المتميز على النثر الأدبي ، والشعر المنثور .
و أقصى ما خرج به الشاعر عن السمت الخليلي هي الموشحات الأندلسية كالمخمسات، والمقطعات الشعرية، التي تختلف فيها القافية في كل مقطع مع الاحتفاظ بالبحر العروضي حتى نهاية القصيدة في كل المقطعات ، مثال ذلك قصيدة " عودة الماضي " ، و قصيدة " اتمنى " .
وبهذا يحافظ السنوسي في مذهبه الأدبي على الأصالة العربية الإسلامية في شعره ، وهو في نفس الوقت يجدد في المضمون والمعاني والأفكار والمغازي والأغراض والخيال والصور .
- منال احمد بن رضوان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق